فصل: قال زكريا الأنصاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} فيقال لهم يوم الحساب وظهور الحجة عليهم {أفلم تَكُنْ آياتي تُتْلى عَلَيْكُمْ} في الدنيا من قبل رسلي وتحذركم من هول هذا الموقف {فَاسْتَكْبَرْتُمْ} عن الأخذ بها منهم {وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} 31 معتادين الإجرام حتى صارت ديدنا لكم لا يحتمل انفكاككم عنها (و) قد كنتم في الدنيا أيضا {إِذا قِيلَ} لكم {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بالبعث {حَقٌّ وَالسَّاعَةُ} هذه التي أنتم فيها الأن حق {لا رَيْبَ فِيها} أيضا {قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ} ولم تلتفتوا إلى أن الذين أخبروكم بها هم رسل اللّه وأنهم يتكلمون عن اللّه وبأمر اللّه وجاوبتموهم بقولكم {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} بما تقولونه فلا نعتقده إلا توهما ولا نقول به إلا حدسا كأن الذين يعظونكم بذلك ليسوا بشيء وقد أكدتم تكذيبهم بقولكم {وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} 32 ما تقولونه وبقيتم شاكين بوجود هذه الحياة ومنكرين يوم الجمع هذا لأنه عندكم لا يعقل وإن ما لا يعقل لا يكون. ولم تعلموا أن أفعال اللّه لا تدرك. وأنها لا تقابل إلا بالخضوع لها. فانظروا الأن إلى ما كان منكم في الدنيا.
قال تعالى: {وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا} في الدنيا وجزاؤه لأن العقوبة تسيء صاحبها وتقبح منه لذلك سميت سيئات ولما رأوها مجسمة أمامهم دهشوا {وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} 33 من أنواع العقاب الذي كان أخبرهم به رسلهم. إذ كانوا ينكرون ولا يصدقون ويسخرون بهم عند ما يذكرون لهم ذلك ويخوفونهم به {وَقِيلَ} لهم بعد إدخالهم النار وإحاطة العذاب بهم {الْيَوْمَ نَنْساكُمْ} فنترككم في هذا الشقاء ونجعلكم كالمنسيين بالنسبة لكم وهذا من باب المقابلة أي المتروكين لأن اللّه تعالى لا ينسى شيئا وذلك {كَما نَسِيتُمْ} في الدنيا {لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} في الآخرة ولم تبالوا به ولم تصفوا لنصح أنبيائكم وإرشادهم لكم بالعودة إليه {وَمَأْواكُمُ} الذي تأو ون إليه للاستراحة وعند النوم هو {النَّارُ} لا راحة لكم ولا نوم فيها بل عذاب دائم مستمر {وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ} 34 يخلصونكم منها أو يمنعون عذابها عنكم {ذلِكُمْ} الجزاء الشاق والعذاب الذي لا يطاق {بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيات اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا} بنعيمها الزائل وبهجتها المزخرفة وشغلكم حكامها عن الاعتراف بهذا اليوم.
{فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها} أبدا وقرئ بضم ياء {يخرجون} وفتحها وهو أحسن {ولا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} 35 يسترضون فلا يطلب منهم إرضاء ربهم والإيمان به وبالبعث والنبوة لأنه لا يقبل عذر فيه ولا توبة.
والالتفات من الخطاب إلى الغيبة إيذان بإسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهم. وأن الخطاب للخزنة الذين نقلوهم من مقام المخاطبة إلى غيابة النار. والالتفات من أنواع البديع المستحسنة في الكلام.
قال تعالى: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ} 36 إخبار مراد منه الأنشاء أي احمدوا ربكم أيها الناس ومجدوه وعظموه لأنه ربكم ورب كل شيء {ولهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} فكبروه وعزروه وحق للرب أن يعظم ويمجد ويكبر ويحمد {وَهوالْعَزِيزُ} الغالب في الأنتقام من أعدائه البليغ في النصرة لأوليائه {الْحَكِيمُ} 37 في أحكامه وإحكامه.
وقد ختمت هذه السورة بمثل ما بدئت به من الصفتين الجليلتين كما هو شأن كثير من السور. وتفيد هذه الصفات أن الكمال كله في القدرة والرحمة والحكمة ليس إلا للّه وأن لا متّصف بكمال هذه الصفات غير الإله العظيم الكبير في سمواته وأرضه. المتصرف بما فيهما. ويوجد سورتان مختومتان بهذه اللفظة. الحشر والتغابن. روى مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «العزّ إزاره والكبرياء رداؤه. فمن ينازعه عذبه».
وأخرج الرقاق وأبو مسعود عنهما: «يقول اللّه عز وجل العزّ إزاري والكبرياء ردائي. فمن نازعني في واحد منهما قذفته في النار».
وهذا مخرج على ما تعتاده العرب في بديع استعارتهم. وذلك أنهم يكنون عن الصفة اللازمة بالثوب. فيقولون شعاره التقوى ولباسه الزهد. فضرب اللّه عز وجل بالإزار والرداء مثلا له جل شأنه في انفراده في صفة الكبرياء والعظمة.
وفي هذا إعلام بأنهما ليسا كسائر الصفات التي يتصف بها بعض المخلوقين مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما. وشبههما بذلك لأن المتصف بهما يشملأنه كما يشمل الرداء الإنسان. ولأنه لا يشاركه في ردائه وإزاره أحد. فكذلك اللّه تعالى لا ينبغي أن يشاركه فيهما أحد. لأنهما من صفاته اللازمة المختصة به وهذا. واللّه أعلم. وأستغفر اللّه. ولا حو ل ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم. وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى إله وصحبه وسلم. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة الجاثية مكية إلا قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية فمدني.
وقد علم حكم {حم تنزيل الكتاب} مما مر في سورة المؤمن.
{الحكيم} حسن وقال أبو عمرو: كاف.
{للمؤمنين} حسن وقال أبو عمرو: كاف وكذا لمن قرأ {من دابة آيات} بالرفع وكذا {يوقنون} إن قرئ {آيات} الأخيرة بالرفع ومن قرأ بالكسر فيهما لم يكن الوقف على الآيتين حسنا لتعلق ما بعدهما بالعامل السابق وهو {أن}.
{يعقلون} تام.
{يؤمنون} كاف.
{لم يسمعها} صالح.
{أليم} كاف.
{هزوا} أكفى منه.
{مهين} حسن.
{أولياء} كاف. وكذا {عظيم}.
{هدى} حسن.
{أليم} تام.
{تشكرون} حسن.
{جميعا منه} كاف.
{يتفكرون} تام وكذا {يكسبون} و{ترجعون}.
{على العالمين} جائز.
{بغيا بينهم} تام.
{يختلفون} كاف.
{لا يعلمون} حسن وكذا {شيئا} و{أولياء بعض}.
{المتقين} تام.
{يوقنون} حسن وكذا {وعملوا الصالحات} لمن قرأ {سواء} بالرفع و{محياهم ومماتهم}.
{ساء ما يحكمون} تام وكذا {بالحق} عند أبي حاتم بجعل لام {لتجزى} لام قسم كما مر نظيره.
{لا يظلمون} تام.
{من بعد الله} كاف.
{تذكرون} حسن.
{إلا الدهر} تام.
{إلا يظنون} حسن وكذا {صادقين}.
{لا ريب فيه} كاف.
{لا يعلمون} تام.
{والأرض} كاف وكذا {المبطلون}.
{جاثية} حسن لمن رفع {كل} الثانية على الابتداء وليس بوقف لمن نصبه.
{إلى كتابها} حسن وكذا {كنتم تعملون} و{بالحق} و{تعلمون}.
{في رحمته} كاف.
{المبين} حسن وكذا {مجرمين}.
{بمستيقنين} تام.
{ما عملوا} جائز.
{يستهزؤن} كاف وكذا {ومأواكم النار}.
{من ناصرين} حسن.
{الحياة الدنيا} تام.
{يستعتبون} حسن.
{رب العالمين} آخر السورة تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة الجاثية مكية إلا قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية فمدني.
كلمها أربعمائة وثمان وثمانون كلمة وحروفها ألفان ومائة واحد وتسعون حرفا وآيها ست أوسبع وثلاثون آية.
{حم تنزيل الكتاب} حسن إن جعل {تنزيل} مرفوعا بالابتداء كان الوقف على {حم} تاما وكاف إن جعل خبر مبتدأ محذوف.
{الحكيم} كاف ومثله {للمؤمنين} لمن رفع {آيات} بالابتداء وبها قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر وما قبلها خبر وليس بوقف لمن قرأ {آيات} بكسر التاء.
وقوله: {وما يبث} عطف على (خلق) المضاف إلى (كم) واستقبح عطفه على الكاف لأن الضمير المتصل المجرور لا يعطف عليه إلا بإعادة حرف الجر لا تقول مررت بك وزيد حتى تقول مررت بك ويزيد والأصح أن {في السموات} العطف على معمولي عاملين مختلفين العاملان إن وفي المعمولان {السموات} وآيات فعطف وتصريف على {السموات} وعطف {آيات} الثانية على {لآيات} فيمن نصب {آيات} وفي ذلك دليل على جوازه والأصح عدم جوازه.
{يوقنون} كاف لمن قرأ {وتصريف الرياح آيات} بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي ما ذكر آيات العقلاء ومن قرأ بالنصب على {لآيات} فيهما لم يحسن الوقف على الآيتين لتعلق ما بعدهم بالعامل السابق وهو إن. وهي قراءة بالنصب على {لآيات} فيهما لم يحسن الوقف على الآيتين لتعلق ما بعدهم بالعامل السابق وهو إن. وهي قراءة حمزة والكسائي ولا يوقف على {بعد موتها} ولا على {الرياح}.
{يعقلون} تام.
{بالحق} حسن.
{يؤمنون} تام ومثله {أثيم} إن جعل {يسمع} مستأنف وليس بوقف إن جعل صفة لما قبله والتقدير سامع.
{كأن لم يسمعها} جائز.
{أليم} كاف على استئناف ما بعده.
{هزوا} حسن.
{مهين} كاف على استئناف ما بعده.
{جهنم} جائز.
{شيئا} ليس بوقف لأن {ولا ماتخذوا} مرفوع عطفا على {ما} الأولى.
{أولياء} كاف ومثله {عظيم}.
{هذا هدى} حسن لأن {والذين} مبتدأ.
{بآيات ربهم} ليس بوقف لأن خبر {الذين} لم يأت بعد.
{أليم} تام.
ولا وقف من قوله: {الله الذي} إلى {تشكرون} فلا يوقف على {بأمره} ولا على {من فضله} للعطف فيهما.
{تشكرون} كاف ومثله {جميعا منه} وقرئ {منه} بكسر الميم وتشديد النون ونصب التاء مصدر من يمن منة وهي قراءة ابن عباس وابن عمير أي من الله عليكم منة وأغرب بعضهم ووقف على {وسخر لكم} وجعل {ما في السموات} مبتدأ {وما في الأرض} عطفا عليه و{جميعا منه} الخبر وجوّز الوقف أيضًا على {السموات} وجعل {وما في الأرض} مبتدأ و{جميعا منه} الخبر.
{يتفكرون} تام ومثله {يكسبون}.
{فلنفسه} كاف وقال ابن نصير لا يوقف على أحد المعادلين حتى يأتى الثاني والأولى التفريق بينهما بالوقف.
{فعليها} كاف.
{ترجعون} تام.
{والنبوة} جائز ومثله {من الطيبات}.
{العالمين} كاف.
{من الامر} حسن.
{العلم} ليس بوقف لأن قوله: {بغيا بينهم} معناه اختلافهم للبغى فهو مفعول له.
{بغيا بينهم} كاف.
{يوم القيامة} ليس بوقف لأن ما بعده ظرف للحكم.
{يختلقون} تام.
{فاتبعها} جائز.
{لا يعلمون} كاف.
{شيئا} حسن ومثله {أولياء بعض}.
{المتقين} تام.
{بصائر للناس} ليس بوقف لأن ما بعده عطف عليه.
{يوقنون} تام ومثله {وعملوا الصالحات} لمن قرأ {سواء} بالرفع خبر مبتدأ أو مبتدأ وما بعده خبر وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي بكر عن عاصم وليس بوقف لمن قرأ بالنصب وهي قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم على أنه مفعول ثان لنجعلهم أي لا نجعلهم مستوين في المحيا والممات وقراء الامصار متفقون على رفع {مماتهم} ورويت عن غيرهم بفتح التاء والمعنى أن محيا المؤمنين ومماتهم سواء عند الله في الكرامة ومحيا المجترحين ومماتهم سواء في الاهانة فلف الكلام اتكالا على ذهن السامع وفهمه ويجوز أن يعود على المجترحين فقط أخبر أن حالهم في الزمانين سواء. اهـ سمين.
{ومماتهم} حسن في القراءتين.
{ما يحكمون} تام ومثله {بالحق} عند أبي حاتم لأنه يجعل لام {ولتجزي} لام قسم وتقدم الرد عليه.
{لا يظلمون} تام.